السبت، 7 يناير 2012



حوار نيفين عصام
أ.د / محمد الكحلاوى
                              الأمين العام لإتحاد الآثاريين العرب
                          ورئيس مجلس إدارة متحف الفن الإسلامى



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
·       نطالب بفرض حظر تجول على ميدان التحرير و المناطق المجاورة لحماية تراث مصر

·       الآثار المنهوبة خلال العام الحالى تعادل ما تم نهبه على مدار الـ 60 عاما الماضية .

·        نحن لا نمتلك ثقافة الإعتصام ولدينا جيل غاضب

·       أنا أول من نادى بإنشاء وزارة للآثار .

·       مصر يمكن ان تنافس أسبانيا سياحيا بتضافر الجهود خلال السنوات القادمة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

·       ما هو دور و أهداف إتحاد الآثاريين العرب ؟ وما هى مصادر تمويلة ؟؟

-    فى البداية أحب ان اوضح أننا نعتمد على أنفسنا ولا نتلقى اى تمويل من اى جهه على الإطلاق وإتحاد الآثاريين العرب هو أول تجمع علمى للإساتذة و الباحثين و العاملين فى مجال الآثار على مستوى العالم العربى من المحيط الى الخليج وهو أول تجمع علمى من نوعه يجمع الآثاريين العرب وكان هذا التجمع أمر لابد منه و خرج من القاهرة عام 1997 وهدفه الأول هو إيجاد رؤية واحده وأن نكون أصحاب مطالب شرعية للحفاظ على التراث نظرا لكافة الأعمال التنموية التى بدأت تحدث فى العالم العربى و التى كان يدفع ثمنها الأراضى الأثرية و المواقع الأثرية .
لذلك كان لابد من إيجاد جبهه موحدة تجمع الآثاريين من المحيط الى الخليج و تعد بمثابة مجتمع مدنى أو منظمة مدنية لا تتبع قطاع حكومى أو مؤسسة حكومية لكنها تتبع الإتحاد العام للجامعات العربية و الذى ينبثق منه قسم يطلق عليه إسم المجلس العربى للدراسات العليا و البحث العلمى ونحن نعتبر جزء منبثق من المجلس العربى ا يضم علماء وخبرات من الآثاريين العرب هدفهم الأساسى إيجاد رؤية موحده لمستقبل العمل الآثـــــــرى فى المنطقة العربية  .
ومن أهم أهداف هذا الإتحاد هى تجميع الآثاريين و أيضا التعرف على آخر الأبحاث العلمية للآثاريين العرب بالإضافة الى أنه لابد و أن تكون أبحاث مشتركة و أهداف مشتركة ورؤى موحده .
ومنذ نشأة هذا الإتحاد فى 1997 وعلى مدار 15 عاما حققنا نجاحات كبيرة وأصدرنا أكثر من 60 عنوان بعضها يخص الوعى الأثرى و العالم العربى لديه أمنيه فى التراث بمعنى أن العالم العربى لم يكن يهتم بالتراث ولم يكن التراث يحظى برعايته ولا عنايته ولا يدرك قيمته .
مثلما فعلنا نحن خلال الأيام القليلة الماضية حيث قام آلاف من الشباب بإقامة ما عرف بجمعة الحرائر و ليس لدينا جمعه تعرف بإسم جمعة حماية التراث أو جمعة التضامن و الحزن على حريق المجمع العلمى ومن هنا نرى ثقافة المجتمع أو القشرة العاطفية دون أن يكون هناك عمق راسخ عن مفهوم و ألم عندما تتعرض مقدراتنا الثقافية للإهانة أو للحرق أو للتدمير .
و الأمر المحزن  أنهم إختصرو المشهد كله بما فيه حريق المجمع العلمى وحريق تراث مصر و ثقافة مصر فى الفتاة التى سحلت ولا يعنى كلامى أننى أوافق على ما حدث و إنما أتحدث عن الموضوع من زاويه وبعد آخر وهو أنه كان من المفروض أن كلا الحدثين يأخذ مجراه ولكننا للأسف كلانا يلعب على العواطف فمثلا شعار الإسلام هو الحل يلعب على العاطفه .
وإذا عدنا للمشهد السابق وهو أن فتاه تقف فى وسط كل هذا الخضم الهائل من البشر وتعرض نفسها للخطر فى الوقت الذى لا يستطيع شاب أن يفعل ذلك والسؤال هنا يطرح نفسه ماذا تريد هذه الفتاه ؟؟ ما هى مطالبها ؟؟ هناك أكثر من علامة إستفهام حول هذا الموضوع حول طريقة وقفتها و فى إختيارها للموقع الذى وقفت فيه تحديدا و أيضا فى طريقة لبسها ولا يعنى كلامى أننى أقر هذا العنف أو هذا الجهل المفرط من قبل السلطات ..ولكن ما أود أن أوضحه هو أن الشعب المصرى إختزل كل مشاعره حول هذا المشهد دون النظر لحريق مبنى أثرى يحتوى على ثروة لا تقدر بثمن و الذى لا نسمع عنه أى شئ بإستثناء بعض القنوات المتخصصة أو بعض وسائل الإعلام التى تلمس هذا الموضوع  وحتى رئيس جامعة القاهرة نفسه و الذى يمثل رئيسا لمؤسسة ثقافية كبرى و منوط به هذا الأمر لم يفعل شئ بإستثناء أنه ذكر أننا نمتلك خمس نسخ أخرى من كتاب وصف مصر كما لو كان الأمر يقتصر فقط على فقدان هذا الكتاب ..
وهذا يعبر عن رؤية ضحلة جدا ومن أجل هذا تم إنشاء الإتحاد ليتبنى أوجاع التراث العربى و المصرى وهى كثيرة و مؤلمة و الفاتورة دائما يدفعها تراثنا .. فلو عدنا بالذاكرة الى أحداث 25 يناير و 28 يناير نرى ما تعرض له المتحف المصرى من حرق و سرقة و نهب و حتى هذه اللحظة لم تعود الآثار المنهوبة اليه مره أخرى ولو نظرنا الى حجم المفقود و النهوب من المواقع الأثرية فى مصر لوجدنا أن ما تم نهبه من آثار مصرية على مدار 60 عاما يساوى تماما ما تم نهبه فى عام واحد و انا لا أبالغ فأنا رجل مسئول و على مسئوليتى الشخصية هذا الكلام .
من هنا أرى أنه لابد و أن نعيد غرس الإنتماء وحب التراث ومفهوم التراث لدى النشأ لأنهم هم الأساس فى المرحلة الحاليه فالجيل الحالى تربى على عادات معينه و إعتقادات و مفاهيم خاطئة عن التراث ولن تتغير ابدا حتى لو أنفقنا ملايين الجنهيات فى سبيل تحقيق ذلك وهناك عبارة دائما ما أرددها وأنا مقتنع بها تمام الإقتناع وهى ترميم البشر قبل ترميم الحجر .
فبدلا من أن نقوم بترميم الحجر و يكلفنا مليارات الجنيهات لابد من ترميم البشر القاتنين حول الحجر حتى يتعلموا السلوكيات الصحيحة و كيفية المحافظة على هذا الحجر لكننا نعمل بالعكس ننفق ملايين على صيانة الحجر و البشر كما هم السلوك هو السلوك و التعامل مع الأثر تعامل سلبى جدا .

·       ما هى الأسباب الحقيقية وراء تأخر قرار إنشاء نقابة للآثاريين بالرغم من أن مصر تمتلك أكثر من ثلث آثار العالم ؟؟

-    هذا الأمر يعود لعوامل سياسية كبيرة جدا .. بمعنى أنه لا يوجد احد يقوم بخلق ند له .. ومصر فى الفترة الماضية لم يكن يسمح لأى أحد أن يدخل الى أروقة الحكومة أو داخل الحزب الواحد وهو الحزب الحاكم بمعنى أنه لا يمكن أن يسمح لأحد بأن يكون ندا للحكومة ولذلك لم نكن نسمع عن أى حزب آخر غير الحزب الحاكم وحتى المعارضة نفسها كانت تقوم بأدوارها من خلال هذا الحزب الحاكم حيث كان زكريا عزمى يقوم بدور المتحدث بلسان الشعب وكانت النتيجة للأسف أنه أصبح ضمن الفئة المطعون فيها و فى أخلاقياتها .
من هنا نجد أن أى وزير ثقافة و الذى ينتمى الية قطاع الآثار بالتبعية كان لا يمكن أن يسمح بإنشاء نقابة تمثل له ندا ..
فنقابه تعنى البحث عن حقوق البشر وحقوق الأثر و تختلف مع رؤية الوزير وتقوم بالتصدى لمشروعات أقيمت فى أماكن قد تضر بمواقع أثرية و بمعنى أشمل أنها ستقف أمام حقوق إجتماعية و حقوق إقتصادية لأكثر من 45 الف موظف ولكن لم يكن أحد سيسمح بذلك فى العهد البائد .
وبالنظر لكل الفروع المهنية الموجوده نجد انه لا يوجد فرعا واحدا إلا وله نقابة عدا نقابة تضم الآثاريين .
ونحن قمنا بجهود بهذا الشأن فى عام 1977 وقمنا بعمل إجتماع فى مسرح البالون وضم الإجتماع 1000 أثرى ولكن للأسف الحكومة نجحت فى إرسال مجموعه من الآثاريين تعكر صفو هذا الإجتماع و بدأو فى التفرقة ما بين الآثاريين الجامعيين و الآثاريين العاملين فى حقل الآثار على تولى منصب النقيب و أنتهى الإجتماع بالإختلاف فى الآراء مما ادى الى تبادل السباب الأمر الذى  ادى الى خسارة الإجتماع ولم يسفر عن شئ وفشلت أول إرهاصة لتجميع الآثاريين .
و لم أتوقف عن السعى وراء هذا  الهدف وقد قمت بمحاولة و أنا أستاذ فى الجامعة  وهى جمع عدد كبير من التوقيعات للآثاريين لإستصدار قرار بإنشاء نقابة للآثاريين ولكن ايضا تصادمت مع الواقع الحكومى ولم يكن الأمر سهلا فكان فى هذا التوقيت كل من يجمع توقيعات يعترضه أمن الدولة للتعرف على سبب جمع هذه التوقيعات .
فوجدت أن السعى فى ميثاق العمل العلمى داخل الإتحاد الآثاريين العرب أفضل فى هذا التوقيت الذى تحدثت عنه سابقا و الحمد لله حققنا نجاحات غير مسبوقة .

·       ما هو دور الإتحاد بالتنسيق مع وزارة الثقافة المصرية للمساهمة فى إنقاذ المجمع العلمى المصرى ؟؟

-    لا يوجد تنسيق مع وزارة الثقافة ويرجع هذا الى أننا كما ذكرت سابقا أننا منظمة غير حكومية دورها هو رصد أى سلبية فى مجال العمل الأثرى فى مصر وخارجها .. ودورنا هو تحديد المخاطر و تقديم الحلول .
و المشكله هنا سواء حكومه أو مجلس عسكرى أو وزير تتلخص فى أننا لا نعرف ما هى متطلبات الأزمة فى الأساس فهناك فهم خاطى عن كيفية إدارة الأزمات ..و المفهوم السائد أنه عند حدوث الأزمة أبدأ فى التعامل معها على حسب نتائجها و المقدار الكارثى الخاص بها وهذا إعتقاد خاطئ .
وقد سبق لى أن كنت مسئولا أثناء إدارة أزمة جامعة القاهره التى حدثت بسبب دخول شارون الى المسجد الأقصى وعجزت مديرية أمن الجيزه وأمن الدولة  فى ذلك الوقت عن إحتواء الأزمة او فى وقف المظاهرات وأصبح الوضع فى منتهى الخطورة فى جامعة القاهرة فحدث حرائق وهوجمت القاعات وتم تدمير بعضها وخرجت الطلبة بشكل عشوائى تنطلق الى الشوارع .
وكان وقتها الأمن يتدخل بعنف فطلبت من رئيس جامعة القاهرة فى ذلك الوقت أن يقوم بإخراج الأمن خارج أسوار الجامعة لأن الوضع لو كان إستمر على هذا الحال لكانت جامعة القاهرة شاهدت مجزرة .
وتولينا نحن المسئولية وقمنا نحن بعمل مظاهرة تضم رئيس الجامعة ونوابة و اعضاء من هيئة التدريس وسرنا أمام هذه الجحافل الغاضبة من الطلبة وقمنا بقيادة المظاهرة بأنفسنا وتم إحتواء هذه الأزمة .
وتم تعينى بعد هذه الواقعه فى إدارة أزمات جامعة القاهرة وكان شغلى الشاغل فى الأساس أن ارى الإتجاهات السياسية و تأثيرها على طلاب الجامعة و أعد لها أكثر من سيناريو صعب وكيفية التعامل مع اى سيناريو محتمل ليصبح التعامل أسهل عند حدوث أى سيناريو أقل خطوره بكل كفاءة و إقتدار .
وبدانا من وقتها ندرس العوامل المؤدية لإثارة الطلاب لأنهم فى النهاية بشر و كيفية التعامل معهم ونحن لسنا ضد التظاهر ولا الإعتصام ولكننا لا نمتلك هذه الثقافة .
وكنت أتمنى لو كانت هناك برامج تثقيفية تثقف الناس و تنمى لديهم مفهوم الإعتصام وتعلمهم كيف نعتصم و كيف نحاور وكان ذلك سيؤدى الى نجاح كبير جدا لثورة الخامس و العشرين من يناير .
لكن ما حدث اليوم أننا خلقنا جيل غاضب دائما ولا ينصاع لأحد سوى نفسه وهذا أمر بالغ الخطورة .
لذلك لابد أن يستمع هؤلاء الشباب لمن هم أكبر منهم سنا و اكثرهم خبرة وأكثرهم تجربة .
فأنا لم أمارس مهنه و ألوث تاريخى من هنا لابد وأن يكون لدى هؤلاء الشباب ثقة فى بعض الناس فليس كل الناس ملوثة .
ومشكلة هذا الجيل او بعضهم أنهم لا ينصاعوا لأحد ولا يسمحوا بالسماع لأحد وفى نفس الوقت يفتقروا لثقافة التظاهر و الإعتصام و فى نفس الوقت هناك عمليات توجيه لبعضهم بشكل أو بآخر و نتيجة ذلك للأسف إندساس بعض المجموعات و العناصر المخربه فيما بينهم .
وهنا أخطأ الثوار خطأ كبير عندما سمحوا بوجود تلك العناصر الخارجه .
وكنت أتمنى ان الثوار أنفسهم يصححوا مسارهم وينسحبوا من الميدان من الوهلة الأولى التى رأوا فيها تلك العناصر المخربة تندس بينهم وتحرق وتخرب .
فالنوافذ التى تم حرقها بالملوتوف يعود تاريخ النافذة الواحدة منها أكبر من تاريخ أسرة من أحرقها للجد السابع ..
فمبنى المجمع العلمى الذى يعود تاريخه الى ثلاث قرون ماضية يتم حرقه بيد عناصر مخربة إجراميه وتتراقص فوقه فمن هنا السؤال يطرح نفسه أين الثقافة ؟؟ وفى نفس الوقت أوجه اللوم للثوار لأنهم هم من سمحوا بهذا .

·   ما هى أهم الآليات التى يتبعها الإتحاد نحو الحفاظ على المناطق الأثرية و الهوية العربية للأثار الإسلامية و القبطية و غيرها و هل نجح الإتحاد فى المساعدة على إستراداد الآثار المهربة للخارج ؟؟

-         نحن لسنا جهة تنفيذية .. ولكننا نقوم بعمل مؤتمرات لعلاج كافة السلبيات من خلال قضية أثرية .
ونحن كإتحاد قمنا بدور كبير من خلال 15 مؤتمر نناقش فى كل مرة قضية أثرية أو مشكلة من المشاكل المعقدة وكيفية إيجاد الحلول لهذه المشكلة .
ولكننا لا تسطيع أن نفرض على الحكومة تنفيذ توصياتنا .
فالحكومة متمثلة سواء فى وزارة الثقافة أو وزارة الآثار فى منأى عنا و غير مجبرة على تنفيذ توصياتنا .
ولكن فى الفترة الأخيرة التى تولى فيها الدكتور زاهى حواس وبالتعاون مع الدكتور مصطفى أمين و الدكتور محمد عبد الفتاح كان هناك تنسيق قوى جدا فيما بيننا .
أما الشق الخاص بقضية الآثار المهربة أو قضية سرقة الآثار فنحن كإتحاد الآثاريين العرب ساهمنا مع منظمة اليونسكو فى خاطبة اليونسكو للجهات المعنية لإستعادة ليس فقط آثار مصر النهوبة ولكن أيضا آثار العراق وقد كنت رئيس لجنة رد التراث المنهوب من العراق وكنت أيضا فى ليبيا منذ حوالى 8 شهور ولكن مع الأسف التدمير طال المواقع الأثرية فى ليبيا بشكل كبير جدا .. و إن شاء الله سوف أذهب لسوريا بعد عشرة أيام حتى نرى كإتحاد تأثير الصراع الداخلى الحالى فى سوريا على المواقع الأثرية هناك وكيفية حمايتها .
فالإتحاد موجود  فى حدود إمكانياته البسيطه ولكننا لدينا اكثر من 2600 عضو جميعهم من علماء الآثار ونخبة من الباحثين و الأساتذة و الفنيين فى مجال الآثار و ترميم الآثار .

·       ما هى فى رأيكم أهم السلبيات الحالية فى التشريعات المعمول بها لتأمين المناطق الأثرية و الحفاظ عليها ؟؟

-    نحن لدينا الكثير من التشريعات ولدينا قوانين متعددة و التجريم موجود فى القانون ولكن المشكلة هنا هى تنفيذ هذا القانون و التحايل على القانون وهذه للأسف سمه من سمات الشعب المصرى ..
وكثرة القوانين و التشريعات تجعل المحامون يتلاعبون بهذه القوانين و ينتج عنها أحكام ربما تكون أحكام نفض مما يؤدى الى إفساد أى قضية .
و القضية هنا تتلخص فى أن الشعب المصرى و بالطبع لا أعمم ولكن البعض منهم يتعامل مع الأثر من خلال المثل الشعبى القائل أن الحى أبقى من الميت مما يجعله يهين الأثر ويستحله بشكل غير طبيعى و للأسف هناك بعض الأفكار الدينية أو بعض أراء المفسرين للتوجهات العقائدية و الدينية أو المذهبية يقومون بتبرير هذا بشكل خاطئ .
فأحيانا نجد بعض الأشخاص ممن يقومون بأعمال حفر لحسابهم الخاص وقد تقدم العديد من الأشخاص بالعديد من البلاغات بسبب قيام أشخاص مجهولين بحفر أراضيهم الخاصة بأعماق مختلفة ووضع مجسات أثناء الليل للبحث عن آثار بصرف النظر عن كون هذه الأرض مثلا قد تكون مستصلحة و بها شبكات رى ومنبته وهكذا يتنقلوا من مكان لأخر.
ويقوم هؤلاء الأشخاص بالإستيلاء على ما وجدوه من آثار فى حالة العثور على قطع أثرية بالمنطقة .
ولا أحد يعلم أن هذا الموضوع يحدث داخل القاهرة بالنسبة للأثار الإسلامية وموجود فى الصعيد فى حالة البحث عن الآثار المصرية و منطقة وجه بحرى أيضا للأثار المصرية .
وبذلك يكون هؤلاء الأشخاص قد أعطوا لأنفسهم حقا ليس حقهم ..
و الأثر حسب نصوص القانون له حرم بمعنى أن المناطق التى تحيط بأى أثر تمثل مناطق محظور الإقتراب منها أو البناء فيها .
و أنا أذكر أننى عندما كنت فى الـ 12 من عمرى كنت أرى الأهرامات من منزلى الذى لا يتعدى الأربع طوابق بالزمالك وهذا إن دل على شئ يدل على أن المنطقة المحيطة بالهرم إنذاك كانت فقط أراضى زراعيه و الهرم يقع على تبة عالية أو هضبة مرتفعه .
أما اليوم فلا أحد يستطيع رؤية الهرم من أى مكان إلا فى حالة الإقتراب منه على بعد 30 أو 40 متر منه وهذا بالطبع ناتج عن بناء العمارات و الناطحات و العشوائية فى البناء حول هذه المنطقة الأثرية وهذا ما يطلق عليه إهانة المحيط الأثرى .
وهذا يعنى أنه ليس هناك أى ثقافة بمصطلح الحرم الأثرى أو محيط أثرى ولو أخذنا منطقة نزلة السمان مثلا كمثال نجد أن صرفها الصحى بالكامل يصب فى منطقة تحت أقدام أبو الهول مباشرة .
وكذلك منطقة هضبة الأهرام و التى بطبيعتها منطقة مرتفعه وتلقى بصرفها الصحى ايضا فى المناطق المنخفضة أى فى منطقة ابو الهول أيضا .
فلا يوجد تخطيط ولا توجد رؤى وليس هناك وعى و الجميع على علم بذلك .. ولكن كما سبق أن ذكرت المسئولين فى السابق كانوا يتبنون سياسة الحى أبقى من الميت فهذه هى تركيبة الشعب و ثقافته فى التعامل مع الأثر ..
ربما يعود ذلك لكثرة الأثار مما أفقدها الإحترام لدى المصرى وربما لو كان لدينا ندرة فى الآثار لكانت الناس تعاملت مها بشكل أرقى و أفضل .

·       ما هو دور الإتحاد إقليميا و دوليا لتبادل الخبرات المختلفة و تدريب العاملين فى قطاعات الآثار المختلفة ؟؟

-    نحن كإتحاد لنا دور كبير جدا فى هذا المجال حيث نقوم بعمل دورات تدريبية للتدريب على ترميم الآثار و إدارة المواقع الأثرية ودوارات حول كيفية تأمين المواقع الأثرية و أيضا دورات فى مجال الترميم الدقيق وترميم المبانى الطينية ونقوم بعمل مساهمة مع تونس و ليبيا و الأردن حيث يأتى إلينا طلاب و نرسل إليهم أساتذة ونحن فاعلين جدا فى هذا المجال وهذا دورنا بالطبع ..
فنحن نساهم فى إعداد كوادر من الفنيين أو إرسال خبرات من الإتحاد سواء الى جامعات أو الى معاهد معنية بهذا الأمر .

·   ما هى أهم الآليات التى يتبعها الإتحاد بالتعاون مع أى من الجهات المعنية لتأمين الآثار المصرية و العربية فى الخارج ؟؟

-    نحن جهه غير حكومية كما ذكرت و اليونسكو نفسه لا يتعامل مع جهات غير حكومية ولكن بالنسبة لنا فإنعكاس روح ثورة 25 يناير يعطينا الثقة ونأمل فى ان نجد انفسنا كمؤسسات غير حكومية يكون لنا كلمة مسموعه .
ويكفى أن أقول أنه منذ ثورة 25 يناير و الإتحاد فرض نفسه على جامعة الدول العربية وتقابلت مع السيد عمرو موسى و لأول مره عمرو موسى يعتد بالملف الأثرى الى جانب الملف السياسى الخاص بالقدس و أنا شخصيا كنت مسئول عن الملف الأثرى فى جامعة الدول العربية وهذه العقلية لم تكن موجودة قبل ذلك .
فعلم الآثار من العلوم الهامة جدا وحين نصل اليوم الى عقلية تعظم هذا العلم فهذا أمر فى غاية الأهميه .
ولإدارك أهمية هذا العلم لابد و ان نعلم جيدا أن طابا لم تعد إلينا بالغناء ولكنها عادت إلينا بالإثار أو بمعنى أدق بالخرائط الأثرية التى تثبت أحقية مصر فى طابا والتى تم حرقها بالمجمع العلمى و الغريب أننا لم نحصل على هذه الخرائط من مصر لأنها كانت موجوده فى هيئة المساحة المصرية و مفقودة منها وحين توجهنا بطلبها من حكومة إنجلترا رفضت إعطائنا إياها و حصلنا  عليها من تركيا .
من هنا يجب أن يعى الشعب و يعلم جيدا أنه فى حالة لا قدر الله حدوث أى مشكلة على حدودنا لن يحميها سوى الوثائق .
مثل مشكلة حلايب وشلاتين فالوثائق و الخرائط فقط هى من تحدد أحقيتنا فيها عن غيرنا .
وأناشد كل وسائل الإعلام المصرية و العربية من خلال السوق العربية الى التكاتف الإعلامى الذى يثرى و يعيد إمداد العقلية المصرية و العربية بقيمة الحفاظ على الأثر و قيمة التراث  .

·   ما هى أهم مقترحاتكم لتنشيط السياحة الثقافية فى مصر فى المرحلة الحالية و المستقبلية بعد إنحسارها الى 12% من إجمالى السياحة الوافدة على مصر فى السنوات القليلة الماضية ؟؟

-    تحتاج الإجابة على هذا السؤال الى العودة بالتاريخ الى الوراء فجميعنا يتذكر الحادث الإرهابى المفجع  أو ما أطلق عليه وقتها مذبحة الأقصر والذى حدث فى الدير البحرى وتحديدا فى معبد حتشبسوت .
حيث توقفت السياحة تماما إنذاك بسبب هذا الحادث و تم فسخ جميع التعاقدات وكانت مصر وقتها تعيش فى حالة مأساوية نتيجة هذا العمل الإجرامى .
ومنذ ذلك الوقت بدأت وزارة السياحة تفكر فى كيفية تلافى هذا الخطر .. و بالفعل قام وزير السياحة فى ذلك الوقت بعمل زيارة الى كلية الآثار وكنت أنا القائم بأعمال العميد فى ذلك الوقت و كانت المقابلة كلها تدور فى إطار كيفية إنقاظ مصر من تأثير هذا الحادث المؤسف .
وأكد وزير السياحة فى هذا الوقت أن القطاع السياحى بالكامل يتعرض للخطر سواء كان مؤسسات سياحية أو عاملين فى القطاع السياحى وسأل عن  كيفية الخروج من هذا المأذق وكيفية تنشيط السياحة مره أخرى .
وأخبرته وقتها أنه لابد و أن نتجه بالسياحة الى السياحة الدينية لإن مصر تمتلك باع طويل جدا فى السياحة الدينية .
و بالفعل قمنا بعمل دراسة على المزارات الدينية الموجوده سواء مزارات مسيحية أو يهودية او المذهبية و الإسلامية وهذا النوع من السياحة عاد على مصر بملايين من الدولارات .
وما اود قولة أنه لابد و أن يكون هناك تثقيف لأننا نمثل جزء منفصل ولا يوجد تنسيق فيما بيننا وبين أى جهه أخرى على الرغم من أننا جميعا فى النهاية نسعى لهدف واحد .
واؤكد لكى أنه لو تم تكاتف وتضافر الجهود معا بين جميع الجهات فى مصر لأصبحت مصر منافسا كبيرا لأسبانيا فى القطاع السياحى .

·   بصفتكم أحد أهم خبراء الآثار فى عالمنا المعاصر ماهى اهم مقترحاتكم لتطوير الآداء المهنى و المستوى العلمى للعاملين فى هذا القطاع ؟؟

-    هذا موضوع فى غاية الأهمية فالمتخرجين من كلية الآثار يعدوا أنصاف متخصصين لأن المتخصص فى نظرى هو الممارس للعمل هذا لو تحدثنا فى مجال الترميم وسوف نتحدث أيضا فى مجال الأثار المصرية و الآثار الإسلامية .
وقت عشت تجربة بينما كنت أستاذ زائر فى الخليج وكانوا فى هذا الوقت متبنيين تطبيق تجربة إنجليزية و أمريكية .. حيث كان الأثرى هناك أهم شئ بالنسبة له التطبيق فى الموقع بمعنى ان يكون الطالب مسئول عن حفريه لمدة 3 شهور متصلة لا ينقطع لحظة عن متابعتها حتى يتم إكتمال بحثه
وطالما ان الطالب يمارس العمل الميدانى فهذا يجعله مدرك لكيفية التعامل مع الأثر كيف يتم إكتشافه و كيفية تخطيط الأرض وكيفية و ضع المجسات .. وكيف يتعامل مع الأثر فى حالة العثور عليه .
أما الطالب المصرى فحدود علمه هو  الدراسة النظرية فقط و لو نظرنا لطالب قسم الترميم مثلا نجد أن معمل الترميم الخاص بكلية الآثار لا يستوعب سوى 30 طالب فى حين أن العدد الفعلى للدفعه هو 200 طالب و بإحصائية بسيطه أصبح كل 7 طلاب تقريبا يجلس على مقعد و نفس الشئ فى حالة إعداد نماذج أثرية .
فمثلا لو فرضنا أن المبلغ المخصص لهذا الغرض هو 5000 جنيه مصرى فهل لو تم توزيعهم على 20 طالب كما يتم توزيعهم على 200 طالب من هنا نجد أن التطبيق أيضا غير متوفر وهنا نجد أن الحرفى أفضل من الدارس او المتخرج لأنه يقوم بالدراسة النظرية ولكن دون تطبيق وحين يحتك بالعمل الأثرى فى الموقع يصبح وكأنه لم يتعلم شئ و يبدأ من جديد .
إذا لابد من إعادة غربلة المناهج العلمية فى مجال العمل الأثرى بالجامعات .. ولو تطرقنا الى إحتياج سوق العمل من الخريجين لوجدنا أن السوق لا يحتاج الى كل هذا الكم من الخرجين وقد رأيت بنفسى أحد خريجى كلية الآثار يعمل فى مجال الصرف الصحى فهل ذلك لا يعتبر إهانه للتخصص وإهانة للتراث .. وكيف يتوسع المجلس الأعلى للجامعات ويقوم بعمل أقسام آثار و كليات آثار بجامعات أخرى ونحن لا نملك سوق عمل يستوعب كل هذه الأعداد ولا نملك آليه صحيحه لتعليم هؤلاء الطلاب .
وإذا كنا نريد خلق جيل يحمل جينات ثورة 25 يناير لابد و أن نكون صادقين مع هذا الجيل ولا نخرج كل هذا الكم من هذا التخصص الذى لا يحتاج لكل هذا العدد فلو كان فى مجال الزراعة أو الطب أو الهندسة لكان أفضل بكثير للبلاد لأنها جميعا مجالات بها تطبيق عملى يفيد المجتمع .
لكن أن نخرج كل هذه الدفعات من الآثاريين ولا أملك الآليه لتشغيليهم أنه حقا أمر يحزننى شخصيا .

·       ما هو رأيكم فى إنشاء وزارة للآثار ؟؟

-    أنا اول من طالب بإنشاء وزارة للآثار وأستشهدت وقتها أنه يوجد فى إحدى الدول الإفريقية وزير يطلق عليه وزير الغابات وفى الواقع لا يوجد غابات بقدر ما يوجد بها حيوانات نادرة وأصبح هناك صيد جائر لهذه الحيوانات النادرة حيث كانت تأتى دول أوربا لإصطياد هذه الحيوانات و المتاجره فى فرائها وجلودها من هنا أصبح هناك وزير الغابات .
من هنا أصبح من الضرورى إنشاء وزارة للآثار فنحن لا نمتلك ثلث آثار العالم كما يقال ولكننا بالفعل نمتلك نصف آثار العالم لو تم حسابها بالقطعة وليس بالمواقع الأثرية .
لو تأملنا قطاع الآثار نجد أن المحليات مسئولة عن الآثار و كذلك الأوقاف ووزارة الثقافة بمعنى أن دمها موزع على القبائل وليست تابعه لجهه واحده فوزارة الأوقاف قامت بالإستيلاء على أوقاف الآثار و أصبحت هيه المتحكمة بمعنى أنه عندما يحدث تداعى لأحد الجوامع الأثرية مثلا تقوم وزارة الأوقام بإرسال مقاول يقوم بهدم و إعادة بناء هذا الجامع من جديد وتكمن هنا الخطورة لأنها تجهل أنها تتعامل مع أثر وكل هذا تخبط .
لذلك كان من الضرورى دمج كل هذه التخصصات فى وزارة معنيه باالآثار الإسلامية و المصرية و القبطية .
وجاء قرار إنشاء  وزارة للآثار فى وقت عسير وتولى منصب وزير الآثار وقتها الدكتور زاهى حواس ولاقى إختياره  رفض من الجميع  لأنه كان محسوبا على النظام السابق و إن كان له بصمات كبيرة خدمت الآثار و العمل الأثرى بشكل كبير جدا لكن للأسف .
وما زاد الطين بله أيضا أن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق عين وزيرا آخر للآثار وهو عبد الفتاح البنا و الذى تم إختياره  من ميدان التحرير معتقدا أن كل من فى ميدان التحرير صالح آدميا فكانت النكبة الكبرى  لأنه كان شخص غير مؤهل و أنا شخصيا تقدم بإستقاله من منصبى و بإعتراض مكتوب للدكتور عصام شرف مؤكدا له أن هذا الإختيار أساء لمصر و أساء للآثار و الآثاريين جيلا بعد جيل فلا يصح أن يختار وزير من أحد خيام ميدان التحرير .
و أنا أعتبر هذا نوع من النفاق الرخيص للثوار لأن الإنسان الواثق من نفسه ومن آدائه لابد و أن يصحح الخطأ ولا يجارى المخطى لمجرد إرضائه .. فأنا من أوئل من كتبوا و أيدوا الثوار عندما فعلوا شئ إيجابى و كنت من المباركين لهذا العمل العظيم و ليس الثوار من هم فى التحرير فقط فنحن أيضا ثوار لأننا كنا من المؤيدين لهذه الثورة ولو لم نكن من مؤيديها لما رأت هذه الثورة النور بهذا الشكل .. ومن قام بالهجوم على المتحف المصرى أثناء الثورة هم بلطجية من التحرير .

كما طالبنا فى هذا الخطاب بعدم إقامه وزارة للآثار فى ذلك الوقت طالما سيتم تغيير وزير الآثار أكثر من مرة فى هذه المرحلة الدقيقه خوفا على الآثار من النهب و السرقة وعدم وجود وزير فى الوزارة سوف يشل حركة قطاع الآثار و طالبنا بإعادة دور المجلس الأعلى للآثار حتى نضمن الحفاظ على سلامة الأثر مؤقتا حتى يتم الإستقرار على وزير مستمر على الأقل فى هذه المرحلة الإنتقالية وقيادة الآثاريين فى وقت المخاطر وعاد مرة أخرى دور المجلس الأعلى للآثار كما كان... وجاء الدكتور محمد عبد الفتاح ولكن لم يتركه أذناب الثوار الذين طالبوه بمطالب لا يملك إتخاذ القرار فيها من تعيين و تثبيت وما الى ذلك معتقدين أنه يملك ولا يعطى ولا يدركوا أن هذا هو حال ومصير دولة بالكامل ولا يوجد من يشرح لهم أن هذه هى ثقافة دولة لا تملك أموال لتعينهم فى الوقت الحالى وما كان لرئيس الوزارء إلا أن أقاله و عين مكانه الدكتور مصطفى أمين ولازالت نفس المشكلة قائمة  .
وجائت حكومة الجنزورى و تم إنشاء الوزارة و تم تكليف الدكتور محمد إبراهيم لتولى مهام الوزير وهو شخص محترم وعالم و لديه رؤى و إستراتيجيه و أتمنى أن يكون لديه الفرصه لتطبيق ذلك .
وطالما لا تمنحينى الفرصة لا تستطيعى محاسبتى.. فأنا اليوم أشفق على الإخوان فمن السهل أن ننقد لكن الأصعب هو التنفيذ و البناء فالإنسان بعيد عن تحمل المسئولية ناقد ممتاز .. لكن حين يقود العمل يكون الأمر صعب جدا ..
و السؤال هنا هل عندما يتولى الإخوان الحكم سيكون عندهم نفس الإصرار و نفس الروح المقاتلة و القوة التى كانوا عليها على مدار ثمان عقود للمحاربة للوصول الى هذا المكان ..
وهل نتصور أن هذه الإعتصامات سوف تنتهى .. إطلاقا ..لأننا كما سبق وأشرت لا نمتلك ثقافة التظاهر و الإعتصام .
وأحب أن أؤكد فى نهاية حديثى أن المجمع العلمى و آثار مصر بالكامل فى خطر و إذا لم ندرك هذا جميعا ستحل على تراثنا كارثه كبيره لاقدر الله .
و أطالب المجلس العسكرى بفرض حظر تجول على ميدان التحرير و المناطق المحيطة التى تحتوى على العديد من المبانى الأثرية الهامة مثل المتحف المصرى و غيره بما لا يعطل المصالح الحكومية .

ليست هناك تعليقات: