الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011


ماذا تعرف عن سيناء ؟؟
بقلم / عبد الجابر أحمد على ..




هذا السؤال أوجهه لشباب اليوم في سيناء وفي أنحاء الوطن الكبير، وتجدني متفائلاً بالخير منذ أن أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي لسان رئيسه المشير محمد حسين طنطاوي قراره التاريخي بالاهتمام بهذا الجزء الغالي بعد إهمال طويل وبعد أن حررتها القوات المسلحة بعرق رجالها ودماء شهدائها. كنت أعتقد أنني مهتم بـ"سيناء" بعد أن قضيت بها فترة طويلة من حياتي أثناء خدمتي بالقوات المسلحة وقبل أن ينتهي دوري بها سواء في بداية الخدمة في بداية الستينات عندما وجدت نفسي في المناطق الأمامية خط أبو عجيلة والعوجة الدولية وأم خطف (أم كتاف) وفي بعض الأوقات (الحسنة) ثم عدت إليها ضمن صفوف القوات المسلحة في السادس من أكتوبر 1973/ العاشر من رمضان.
قلت كنت أظن أنني الوحيد المهتم بهذا الجزء الغالي إلا أنني وجدت زميلاً لي وهو من نفس الدفعة سبقني إلي حب وعشق هذه البقعة الغالية وألف فيها أكثر من كتاب لكي يعرفنا ويعرف شباب اليوم بـ"سيناء"، إنه اللواء محمد فؤاد حسين أحد رجال الأمن الذي قضي سنين طويلة في هذه البقعة يتعامل مع أبنائها عن قرب، ومن هنا أصدر أكثر من كتاب عنها، وقد أهداني عدة كتب منها كتاب "شعبنا المجهول في سيناء" وسوف نلقي الضوء علي بعض فصول هذا الكتاب.
بدأ اللواء فؤاد حسين كتابه بآية قرآنية، حيث قال عز وجل في كتابه الكريم (والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين) ويقول فؤاد: إن الله سبحانه وتعالي ذكر جبل الطور في القرآن الكريم عشر مرات، كما يقول إنه بكل أسف فإن سلسلة جبال الطور لا يوجد لها أثر في الخرائط المصرية أو الخرائط العربية، رغم وجود قمم الجبال في هذه السلسلة مثل جبل سانت كاترين وجبل موسي، حيث تجلي فيه الله سبحانه وتعالي لنبيه موسي كليم الله.
الإهداء في كتاب اللواء فؤاد حسين يبدأ بأبو الأنبياء سيدنا إبراهيم الخليل الذي عبر سيناء إلي مصر ليتزوج أم العرب السيدة هاجر ولتنجب له ولده إسماعيل عليه السلام، ثم يعبرها مرة أخري مع زوجته وابنه الرضيع، حيث يتركهما في وادٍ غير ذي زرع عند بيت الله الحرام. والإهداء أيضًا إلي نبي الله يوسف عليه السلام الذي عبر سيناء طفلاً بعد أن أنقذه السيارة ليشتريه عزيز مصر. وإلي نبي الله يعقوب عليه السلام الذي عبر سيناء شيخًا كبيرًا، بعد أن أرتد بصره ليري ولديه الغائبين يوسف وبنيامين في مصر، ثم إلي كليم الله موسي عليه السلام الذي عبر سيناء هاربًا من فرعون مصر، ثم عاد نبيًا ورسولاً بعد أن كلم المولي عز وجل في أرض سيناء وناداه من جانب الطور الأيمن وقربه نجيا، وإلي نبي الله ورسوله عيسي عليه السلام وإلي أمه الطاهرة البتول مريم ابنة عمران اللذين عبرا سيناء هربًا من اليهود إلي ربوة ذات قرار مكين في مصر وإلي أم المؤمنين السيدة مارية القبطية التي عبرت سيناء، بعد أن أهداها المقوقس عظيم مصر إلي رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام لتنجب له ولده إبراهيم، كما يهدي الكتاب إلي الشهداء الذين روت دماؤهم الطاهرة أرض الفيروز في أعظم معارك الشرف والفداء وإلي شعبنا المصري المجهول في سيناء الذي نسيناه أو تناسيناه في الصحراء.
ويشير الكتاب إلي أننا جميعًا مشتركون في جريمة قتل سيناء، فبالرغم من أهميتها التاريخية والأثرية والجغرافية، ورغم أهميتها الاقتصادية والسياسية والسياحية وفوق ذلك، رغم أهميتها العسكرية والاستراتيجية علي مر العصور فإننا أهملناها طويلاً وضاعت من أيدينا أكثر من مرة. وعن أصل كلمة سيناء يقول المؤلف إن سيناء ورد ذكرها في القرآن الكريم منذ ألف وأربعمائة عام. قال بعض المؤرخين عن الاسم إنه يرمز إلي حجر أي بلاد الأحجار، وقال البعض الآخر إن الاسم اشتق من اسم أقدم العبادات في الشرق الأدني وفي العالم علي الإطلاق وهي عبادة الإله "سين" إله القمر عند الساميين القدماء أسلاف العبرانيين والعرب والذي اشتهرت عبادته في غرب آسيا ومن بينها فلسطين. كان المصريون القدماء يطلقون علي شبه جزيرة سيناء اسم (بيادو) ـ أي المناجم ـ كما كان يشار إليها في نقوش الدولة المصرية القديمة باسم (خاست متكات) أي جبل الفيروز. وهناك اجتهادات كثيرة عن الاسم.
وأهمية سيناء الدينية حيث حدثت المعجزة علي جبل الطور. كما وقعت علي أرض سيناء عدة معجزات مثل كلام الله سبحانه وتعالي لسيدنا موسي. والاثني عشر عينا وقد انفجرت عندما ضرب موسي الحجر بعصاه، كما وقع علي أرضها حدثان عظيمان لا يستطيع أحد أن يحدد مكانهما وهما آية ذكره الجبل وخر موسي صعقا. كما لا يستطيع أحد في هذا العالم أن يحدد المكان الذي ضرب فيه موسي البحر بعصاه وانقسم إلي قسمين حتي عبر موسي ومن معه من العبرانيين والمصريين ممن آمنوا برسالته إلي البر الشرقي إلي صحراء سيناء.
ثم يتحدث المؤلف عن أهمية سيناء التاريخية والأثرية فهناك معبد سرابيط الخادم وبقاياه مع منطقة عالية شرق مدينة أبو زنيمة جنوب سيناء ثم دير سانت كاترين وقمة جبل كاترين بارتفاع (1462 قدمًا) عن سطح البحر، وهذا الدير هو الوحيد الذي يضم بين جدرانه مسجدًا للمسلمين إلي جانب الكنيسة التي بجوارها الشجرة المباركة التي رآها سيدنا موسي عليه السلام مضيئة فتوجه نحوها حيث ناداه ربه. كما توجد بـ"سيناء" عيون موسي علي بعد 20 كم شرق السويس، وجنوب طابا تقع قلعة صلاح الدين في جزيرة فرعون وهما من الآثار المهمة في سيناء.
أما أهمية سيناء السياحية والاقتصادية، كما يقول المؤلف فهناك شواطئ البحر المتوسط من بالوظة وبئر العبد والعريش والشيخ زويد ورفح، ثم ساحل الخليج مثل رأس مسلة ورأس سدر ورأس مطارمة والطور وأبو زنيمة، والسياحة التاريخية مثل طريق حورس العظيم وطريق الحج القديم ثم طريق خروج بني إسرائيل من مصر والآثار الفرعونية بوادي المغارة وسرابيط الخادم وجزيرة فرعون، وهناك النقط الحصينة بعد حرب أكتوبر (خط بارليف) وأيضًا هناك السياحة العلاجية في حمام فرعون وحمام موسي، والسياحة الدينية وتتركز في منطقة وادي الراحة حيث كلم الله سبحانه وتعالي نبيه موسي ودير سانت كاترين وجبل موسي ومزارات الأنبياء بذات المنطقة.
ولا ينتهي هذا الكتاب القيم عند هذا الحد أردنا فقط أن نشير إلي سيناء لعل شبابنا يستعيد ذاكرة التاريخ ويتوقف طويلاً أمام هذه البقعة الغالية، وهو القادر علي إعمارها والعناية بها مادامت قواتنا المسلحة أصبحت صاحبة الأمر، وإلي مزيد من التعريف بـ"سيناء" مرة أخري

ليست هناك تعليقات: